قامت الحكومة بحملة إعلامية واسعة النطاق تروج لانطلاق تطبيق إلكتروني جديد من شأنه تسهيل الخدمات الحكومية وتقريبها من جميع المواطنين حيث ما كانوا. وتضمنت هذه الحملة حفل تكريم للفريق الفني الذي قام بإعداد هذا التطبيق الذي اختصر عملية طلب الوثائق الرسمية في نقرات معدودة على شاشة الهاتف المحمول دون الحاجة إلى زيادة أي مكتب أو الوقوف في طابور.
مثل هذا التطبيق ثورة نوعية في إدارة الحالة المدنية واستصدار مستخرجات شهادات الميلاد، وبطاقات التعريف وجوازات السفر وغيرها من الوثائق الرسمية التي نحتاجها في معاملاتنا اليومية. فاستبشرنا به خيرا على أنه بارقة أمل مشجعة ودليل ملموس على تحسين الخدمات الحكومية دون تجشم عناء الذهاب إلى المكاتب الحكومية خلال أوقات الدوام الرسمي لمن يتعذر عليه ذلك. الأمر الذي أدى إلى استقبال هذا التطبيق بحفاوة خاصة من قبل المواطنين المقيمين في الخارج بعيدا عن السفارات والقنصليات.
مثل هذا التطبيق ثورة نوعية في إدارة الحالة المدنية واستصدار مستخرجات شهادات الميلاد، وبطاقات التعريف وجوازات السفر وغيرها من الوثائق الرسمية التي نحتاجها في معاملاتنا اليومية. فاستبشرنا به خيرا على أنه بارقة أمل مشجعة ودليل ملموس على تحسين الخدمات الحكومية دون تجشم عناء الذهاب إلى المكاتب الحكومية خلال أوقات الدوام الرسمي لمن يتعذر عليه ذلك. الأمر الذي أدى إلى استقبال هذا التطبيق بحفاوة خاصة من قبل المواطنين المقيمين في الخارج بعيدا عن السفارات والقنصليات.
كان ذلك في نهاية شهر يناير من السنة الحالية حيث كانت الخطوات الأولى التي تتضمن إثبات الهوية ودفع الرسوم سريعة وسلسة، ولكنني ما زلت بانتظار تسلم الجواز الجديد ثلاثة أشهر كاملة. ولعل الأكثر غرابة في هذه القصة هو أنني حاولت الاتصال بالسفارة عبر الهاتف أكثر من خمس عشرة مرة خلال هذه الفترة للاستفسار عن مصير الجواز دون جدوى. وهنا أود أن أسجل ملاحظتين حول هذا الموضوع:
أولا: ميزات التطبيق
في الوقت الذي يعتبر فيه التطبيق سعيا مشكورا وخطوة مميزة باتجاه تسهيل خدمات الحالة المدنية، يبدو واضحا أنه يركز على جمع رسوم طلبات الحصول على هذه الوثائق دون أن يولي أهمية مماثلة للاعتبارات المتعلقة بمختلف مراحل العملية من بدايتها إلى حين تسليم الوثيقة لصاحب الطلب. فإذا كان التطبيق يهدف فعلا إلى الرقي بهذه الخدمات إلى القرن الواحد والعشرين، فيجب أن يشمل رصد مختلف مراحل العملية حتى يتسنى للمواطن متابعتها مع الجهات المعنية المسؤولة عن المرحلة الراهنة للطلب. تماما مثل متابعة حركة سيارة عبر نظام Global Position System أو ما يعرف ب GPS من شارع إلى شارع ومن مكان إلى مكان.
هذه ميزة تكنولوجية شائعة الاستعمال تجب إضافتها إلى التطبيق لتسهيل متابعة مدى تقدم الطلب. فمثلا من المفيد معرفة متى تم إصدار الجواز من طرف إدارة الجوازات في نواكشوط، ومتى تم إرساله إلى السفارة، ومتى وصلها. معرفة هذه المعلومات تتيح لي فرصة تحديد الجهة المسؤولة عن التعطيل ومتابعة الأمر معها بصورة مباشرة.
الميزة الثانية التي تجب إضافتها إلى التطبيق هي إمكانية دفع الرسوم عن طريق بطاقات الاعتماد المصرفية مثل Visa وMaster. يتطلب التطبيق حاليا دفع الرسوم مباشرة لدى الإدارة المعنية أو إلكترونيًا بواسطة بنكيلي وهي خيارات ليست متاحة لمعظم المقيمين بالخارج مما يتنافى مع أهداف التطبيق في تسهيل الخدمات.
وللأمانة فإني أعترف بأن تجربتي قد تكون حالة خاصة حيث اخترت أن يرسل جوازي إلى السفارة ودفعت مبلغا إضافية يوفر تكاليف رسوم إرسال الجواز بالبريد من السفارة إلى محل إقامتي. كما أن مصدر التعطيل قد يكون السفارة وليس ادارة الجوزات، الأمر الذي يقودني الى الملاحظة الثانية والتي تتعلق بدور العنصر البشري في هذه الحلقة. لكن هذا كله يوضح أن التطبيق يستهدف المقيمين بالداخل بالدرجة الأولى وهو أمر لا ضير فيه. لكن في نفي الوقت يجب ألا نهمل مصالح الجاليات المقيمة بالخارج، وأن نبذل ما يمكن بذله من مجهودات لتسهيل الخدمات الإدارية وتقريبها منهم.
ثانيا: العنصر البشري
التكنولوجيا هي عامل مساعد قد يسهل بعض الإجراءات لكن العامل البشري في هذه الحلقة لا بديل عنه، بل هو العنصر الأساس. فبينما يمكن دفع الرسوم إلكترونيا أو حتى طبع الجوازات بطريقة أتوماتيكية، يبقى دور العنصر البشري في نقل الوثيقة من موقع المطبعة إلى محل التسليم، والتأكد من هوية المتسلم أساسي لا بديل له. ولذلك فإن مدى نجاح دور التكنولوجيا في عصرنة الحالة المدنية مرهون بمدى كفائه وإخلاص العاملين في هذه الإدارات في أداء عملهم.
وبغض النظر عن دور التطبيق في تسهيل الخدمات الإدارية والذي لا مراء فيه، فإن أداء العنصر البشري، خصوصا فيما يتعلق بسفارتنا في الولايات المتحدة لا يرتفع إلى الحد الأدنى من المسؤولية المنوطة بها.
فإذا كانت السفارة عاجزة عن إجابة هاتفها الرسمي، ولا تُوفر إمكانية تسجيل رسالة صوتية، فكيف يمكنها الاطلاع على مشاكل المواطنين، والاعتناء بهم؟ وإذا كان هذا وضع السفارة في إحدى أكبر دول العالم التي تتواجد فيها جالية معتبرة من المواطنين ذات تأثير معتبر على الاقتصاد الوطني، فماذا يرجى من السفارات الأخرى؟