
تم أخير توقيع اتفاقية تعاون أو إعلان مشترك حول مكافحة الهجرة غير النظامية بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي بعد جولات مفاوضات مكثفة وجدل حاد حول الموضوع.
تضمنت النسخة النهائية من الاتفاقية بنودا أخص منها بالذكر الفقرة التالية كما وردت في شرح مفصل للإعلان المشترك كتبه أحمد محمد المصطفى ونشره موقع الأخبار:
“مسألة الهجرة والترحيل القسري هي جزء مهم من شراكتهما ة [موريتانيا والاتحاد الأوروبي] وأن التعاون الخاص بينهما في مجال الهجرة يستند إلى نهج شامل ومتسق وعملي ومتوازن، مع احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي للاجئين والقانون الدولي الإنساني، بالإضافة إلى مبدأ سيادة الطرفين”.
وما يفهم من هذه الفقرة هو أن الاتحاد الأوروبي تلقى ضمانات من الحكومة الموريتانية بمعاملة المهاجرين-على أرضها ومناطق سيادتها برا أو بحرا-بطريقة تتماشى مع حقوق الإنسان والقانون الدولي. ومما لا شك فيه أن الاتحاد الأوروبي سيضع الترتيبات اللازمة للتأكد من أن موريتانيا لن تعامل المهاجرون بما لا يرضيه، ليس حبا لسواد عيون المهاجرين وإنما خوف من الملاحقات القانونية التي قد تطرح في المحاكم الأوروبية. خصوصا في ضوء تقرير داخلي الاتحاد الأوروبي اتَّهَم موريتانيا بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
ورغم كل ما كتب عن هذا الإعلان المشترك، غاب عن الجميع جانب أقل ما يقال عنه إنه مؤسف حيث إنه سيؤدي إلى جعل المواطن الموريتاني مواطنا من الدرجة الثانية في بلاده، وما يترتب على ذلك من دلالات مشينة ومخجلة.
اولا: كيف سيصبح الموريتاني مواطنا من الدرجة الثانية؟
لا يختلف اثنان على أن وضعية حقوق الإنسان في موريتانيا في حالة يرثى لها. فلقد شاهدنا خلال الأسابيع الماضية (وحدها) استخدام العنف ضد طلاب يمارسون حقهم الطبيعي في حرية التعبير والتظاهر احتجاجا على سياسات وممارسات يعتبرون أنها غير عادلة. كما شاهدنا استخدام العنف ضد فريق صحفي أثناء تغطيته لنفس المظاهرات. أمثلة حديثة مما تناقلته وسائل الإعلام، ولا شك في أن ما خفي كان أعظم.
الاتحاد الأوروبي لم يأبه بهذه الانتهاكات الصارخة ل “حقوق الإنسان” و”القانون” الدولي ضد المواطنين الموريتانيين. لكن نفس الاتحاد الأوروبي يحث على “احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي للَّاجئين” في الوقت الذي تغض فيه الطرف عن انتهاكات نفس الحقوق والقانون فيما يتعلق بأبناء البلد. بعبارة أخرى، سوف يضمن الاتحاد الأوروبي معاملة المهاجرين بصفة إنسانية وقانونية، بينما يبقى المواطنون تحت رحمة من لم يرحمهم في الماضي وليس هناك ما يفرض عليه تغيير ذلك المستقبل. أي أن المهاجر سوف يتمتع بامتيازات لا تتوفر حتى للمواطن، بفضل الاتحاد الأوروبي واهتمامه الزائف بحقوق الإنسان.
أي أن المهاجر سوف يتمتع بامتيازات لا تتوفر حتى للمواطن، بفضل الاتحاد الأوروبي واهتمامه الزائف بحقوق الإنسان.
ثانيا: دلائل هذه الوضعية المشينة
1. من المشين والمخجل لنا كموريتانيين حكومة ومعارضة وأفراد أن نعامل أبناءنا وذوينا بصورة أسوأ مما يعامل به الغرباء. فالأمر الوحيد الذي هو أكثر جورا من انتهاك حقوق المواطنين والاعتداء عليهم هو أن يُبخل عليهم (المواطنين) بحقوق وامتيازات تُوفَّر لغيرهم. فبينها يبقى العدل في الظلم ظلما، يظل أخف حدة من الظلم في الظلم.
2. يمثل هذا دليل يثبت لمن لا زالت تراوده شكوك حول نيات الأوروبيين الحقيقية وتظاهرهم بدعم حقوق الإنسان، يثبت أن اهتمامها بحقوق الإنسان واحترام القوانين مجرد كلام فارغ. بل إنه في بعض الحالات يتحول من كلام فارغ إلى سكوت مخجل أو حتى تواطؤ مع المعتدي والمشاركة في العدوان.
والسؤال الذي يبقى مطروحا هو كيف للمواطن الموريتاني أن يستفيد من الحقوق التي فرض، أو سوف يفرض الاتحاد الأوروبي منحها للمهاجرين خلال تواجدهم على الأراضي والمياه الوطنية؟ هل من الممكن للموريتانيين تقديم طلبات اللجوء